Monday, March 19, 2012

لبيروت


(أبو ظبي ، 11 - 2009)

هل انفصلنا؟ ابتعدت ، قصدت الابتعاد لكنني لم أقصد الانفصال. لم أنوِ الانفصال. لم ننفصل.

كل ما في الأمر انني بعيد، لكننا لم ننفصل. غريب. أعاني عوارض انفصال بشع، انفصال محطم، لم أقوَ حتى الآن ، لم أستطع أن أتعافى. كعاشق انفصل عن حبيبته في أوج العشق، و لم يستطع تخطي هذه العلاقة. لم أقصد الانفصال، و لم ننفصل، لن نفعلها. لا يمكن. و لكن منذ ذلك الحين...

الساعة التاسعة مساءً. أنا في الطريق الى المطار و أنت معي. أنت دائماً معي. أنظر إليكِ. هل يعقل أن تكون هذه آخر لحظات حياتنا سويةً؟ لا يمكنني استيعاب هذه الفكرة. لا، فأنا دائماً أعرف قدرُكِ، أعرفك و أعرف أنني لا أستطيع أن أنفصل عنك. لم أعرف سواك منذ ولادتي. أنت الوحيدة و الوحيدة أنت. طبعاً كان هنالك محاولات و كلها كانت تردني اليك. أعاني عوارض انفصال بشع!

كل ما استمتعنا به سوية لا أقوى على أن أقوم به بعيداً عنك! أهذا دلع؟ أأنا "دلّوع"؟ إذا كان الأمر كذلك فهذا بسببك! أنتِ "دلّعتني"!!! كل هواياتي الجميلة، كل ما استمتع به لا أقوى عليه منذ تركتكِ!

العاشرة و الطائرة تقلع، و أنا أحدق في النافذة. خائف، لا، مرتعب من الانفصال. لم أقصد أن أنفصل. تترائين لي، أراكِ. الطائرة خالية. أرتعب مجدداً، أبكي. لا أريد الانفصال. أنت تعلمين لماذا أتركك. أنت تعرفين كم أعشقك، و تعرفينني جيداً حين أعشق. ببساطة هذا كل شيء. تعرفين أنني لن أنفصل، سأترككِ لفترة، و لكن ما زلنا معاً.

لم أستطع قراءة كتاب واحد منذ تركتك. حتى الموسيقى التي أحبها لا أقوى على سماعها. موسيقى لا تمت اليك بصلة. لا تعرفك، تذكرني بك. عوارض انفصال بشع!!

أحاول مخاطبتك. بكل أغاني فيروز أخاطبك. بكل أغاني فيروز أحبك. تقتلني هذه الأغاني. لم أقصد حبيبتي أن أتركك. لم أقصد و لكنني عشقت. لم أعشق عليك، عشقت بقدر ما أعشقك. أعلم أنك دائمة، أعلم أنك ستنتظرينني و أعلم أنك تعرفينني حين أعشق ، لم ننفصل.

يااااه!! سنتان و نصف يا بيروت، سنتان و نصف ! أتُراك تغيرتِ ؟ هذا جمالك، أنت الدائمة المتغيرة! تتغيرين و لكن لا تتحوّلين! نعيشك كما نريد! فريدة أنت هكذا، نعيشك كما نشاء. أكره رؤيتك تتغيرين عن بعد. أكره هذا الشعور، أمقته!

حين أراك من الطائرة أستغرب، أريد أن أضمك، أريد أن أضمك بقوة. كيف يضم المرء مدينة؟ لا أعلم. آخذ نفساً عميقاً ، أشعر بالراحة. كأن كل بعدي عنك كان نهاراً طويلاً شاقاً غريباً ، و كأنني عدت الى المنزل . هذا أول ما أفعله عند خروجي من المطار. نفساً عميقاً. هكذا أضمّك. جميلة أنت، رائعة الجمال. بكهولتك وصباك و رقتك و قسوتك و بشاعتك، حتى بشاعتك أجمل بشاعة !

ليست رومنسية و لا عاطفة. أعلم كم أنت قاسية، أعلم كيف تكونين بشعة، أعلم كيف تكونين قذرة، و أعلم جيداً أن كل قسوتك و بشاعتك و قذارتك أجمل من أي قسوة و بشاعة و قذارة أخرى. هذا هو الحب، هذا هو العشق يا بيروت.